أكد رئيس الجالية اليمنية ياسر الشيخ، أن السلطات التركية تنصح الجاليات العربية بالاقتداء بالجالية اليمنية حيث أنها جالية موحدة ويتحدث باسمها مع الجهات التركية صوت واحد، كما أن شعار كافة القوى السياسية اليمنية في تركيا هو “أن نتعاون في المهجر وخلافاتنا تظل داخل اليمن وليست في إسطنبول”.

وأوضح الشيخ، أن الجالية تربطها علاقات جيدة مع السلطات التركية وتفاهم على درجة كبيرة للغاية؛ إذ قدمت خبراتها تلك للعديد من الجاليات العربية وأمدت الجاليات السورية والمصرية والمغربية والفلسطينية بخبراتها في إجراءات تأسيس الجالية – بما لها من سبق – وامدتهم ببعض اللوائح.

وقال: “إننا نبذل جهودا ممتازة في حل المشكلات التي تواجه أبناء الجالية بالتنسيق والتعاون الكامل مع السلطات التركية، التي لا تألو جهداً في تقديم كل العون والمساعدة لدعم القضية اليمنية والشعب اليمني على الصعيد الإنساني والدبلوماسي، ماديا ومعنوياً ومن خلال دور تركي متوازن في توفير كل الدعم لأبناء اليمن في الداخل.

وحول هموم وآمال الجالية اليمنية في أسطنبول دار هذا الحوار:

* حدثني عن الجالية اليمنية في تركيا عددها وتمثيلها وأهم المدن التي تتواجد فيها؟

– الجالية اليمنية في تركيا هي أكثر من 10 آلاف وكانت قبل 4 سنوات لا تتجاوز 1200، وأسست كيانا لها من أجل تنظيم شؤونها وترتيب احتياجاتها في ظل عدم وجود دولة لها، كما أن معظم الموجودين خرجوا من اليمن فارين من الحرب. وهي كذلك جالية نخبوية تجمع عددا كبيرا من السياسيين والأكاديميين ورجال الأعمال والإعلاميين.

ويتواجد أبناء الجالية بشكل أساسي في إسطنبول، ويتوزع عدد من الطلاب في المدن التركية. فالجالية نخبوية وهي أكبر الجاليات اليمنية في الخارج، وعددها 10 آلاف.

* الجالية اليمنية في تركيا قبل 2011 وبعدها ما هو الفرق والاختلاف بين حالها ولماذا؟

– قبل 2011 كان الذين ياتون لأجل الدراسة والتجارة وشراء منتجات تركية لأجل تصديرها إلى اليمن، وهذا كان قبل الربيع العربي ولكن بعد الربيع العربي نجد أن الوضع اختلف. والآن سهلت تركيا الإقامة لليمنيين وأصبح هناك تزايد كبير في عددهم، والمعيشة مناسبة لليمنيين الحمد لله والقوانين سهلة وبإذن الله في المستقبل تكون أكثر سهولة.

* ما هي أهم الخدمات التي تقدمها الجالية لأبنائها في تركيا وكيف تطورت هذه الخدمات؟

– الخدمات التي تقدمها الجالية لليمنيين خدمات متعددة منها الصحية والثقافية والتعليمية وربط اليمنيين بوطنهم، وحل الإشكالات الطارئة التي تواجه أيا من أعضاء الجالية وهذا بفضل الله وبفضل التعاون التركي مع اليمنيين. والجالية فكرة بسيطة وبدايتها بسيطة، تأسست عام 2014 ودورتها الأولى استمرت لمدة عام، وهذه الدورة الثانية لها وستستمر مدة عامين.

كما أن الجالية اليمنية من أفضل نماذج الجاليات العربية المستقرة في تركيا، حيث تمثل استقرارا وتوافقا بين أعضائها وعدم وجود خلافات بينهم، وتوجد انتخابات ولائحة كاملة، إضافة لاحترام كافة المسؤولين الأتراك والدوائر الحكومية التي نتعامل معها بسبب التمثيل الموحد من قبل الجالية والسجل النظيف وتكاتف كافة المؤسسات اليمنية والتي تزيد عن 12 مؤسسة ومنظمة ووقفاً يمنيا في إسطنبول، وتعمل كلها من خلال الجالية بجهد كبير، علاوة على التنسيق التام بين الجالية اليمنية والسفارة اليمنية في إسطنبول والتعاون الكامل والتنسيق شبه الكامل الذي يتم بين الاتحاد العام للطلاب اليمنيين في تركيا وبين الجالية، وليس هناك أي خلاف بين أبنائها ولا مؤسساتها وطلابها، وهذا ما أكسبها ثقة اليمنيين في تركيا ودعمهم ووقوفهم معها.

* ما هي المشاكل أو العقبات التي تواجهكم كجالية يمنية في تركيا، وسبل التغلب عليها؟

– المشاكل التي تواجه الجالية أنها تعتبر جالية استثنائية لأن معظم الذين هاجروا مضطرون، ولم ياتوا لغرض العمل، وإذا استقرت البلاد فأكثر من نصفهم سوف يعودون إلى اليمن، وكما قلت لكم إن أغلب أبناء الجالية النخبوية صحفيون ومستثمرون ورجال أعمال ومستشارون وأطباء ومهندسون ومدرسون، وإن معظم أبناء الجالية صحفيون وسياسيون ودبلوماسيون، وبسبب أنهم قاعدون لظرف استثنائي فإظنهم يواجهون مشاكل وبعض المخالفات المادية والقانونية التي تأتي رغما عن أبناء الجالية.

والمشاكل التي تحدث بين أبناء الجالية نحن نحلها بشكل دائم وبهدوء فيما بيننا، ومعظم المشكلات الآن متعلقة بالإقامات بشكل قانوني مع أن هناك تسهيلات كثيرة في هذا الإطار، وما يجعلنا نحب الجالية اليمنية هو أن سجلها من أنظف السجلات الموجودة في تركيا، والشعب اليمني يحترم القوانين ويتعايش سريعا، وهو بطبيعته شعب مهاجر في حالات الاستقرار فما بالك بحالة عدم الاستقرار ولذلك فالمشاكل التي يواجهونها هي مشاكل طبيعية كأي مشاكل تمر على جالية أخرى. فالشعب اليمني يتأقلم بسرعة.

كما أن أكثر المشاكل التي أخذت منا جهدا هي المشاكل القانونية التي عملنا على حلها بشكل كبير وأنجزنا فيها إنجازات عظيمة بفضل الله وبفضل تعاون الجهات التركية معنا، وأقصد هنا موضوع الإقامات الإنسانية حيث يوجد هناك تفاعل كبير في هذا الجانب واستجابة كبيرة من الجهات التركية للتسهيلات معنا.

لا شك في أن الاستثمارات اليمنية في تركيا تلعب دورا حيويا في دعم الجالية. كيف يتم ذلك؟

– المستثمرون اليمنيون واستثماراتهم موجودة في مختلف دول العالم لأنهم شعب مهاجر، وهناك عبارة يقولها الأتراك إن اليمني بطبيعته ولد مستثمرا ، وفي أي دولة من الدول يعتبر إضافة لهذه الدولة لأنه شخص متحرك وشخص عملي واستثماري أكثر من كونه عاملا أو شخصا عاديا، وعندما يستقر في بلد من البلاد فإنه يستقر كليا ولا يشعر بأنه غريب عنها ويتعايش فيها بشكل كامل ويندمج كليا وذلك في مختلف دول العالم وحتى في دول الخليج التي لم تتعامل مع المستثمر اليمني بشكل جيد كما ينبغي بما يصب في مصلحتها؛ ولكن الدول الأوروبية والأمريكية وكذلك تركيا تتفاعل بشكل جاد مع المستثمر اليمني، وكثير من المستثمرين اليمنيين في دول امريكا وأوروبا يحملون جنسيات هذه الدول التي تتفاعل معهم بسبب جديتهم وفعاليتهم وعملهم الدؤوب.

* على ذكر التجنيس هل تم تجنيس يمنيين في تركيا في الآونة الأخيرة؟

– والله لا اعرف ولكن كثيرا من اليمنيين لديهم الجنسية لأن لأسباب عرقية، حيث أن كثيرا منهم أصولهم تركية ومعظم هؤلاء جاؤوا وذهبوا إلى السجلات العثمانية ووجدوا أسماء أجدادهم وذويهم وحصلوا بموجب ذلك على الجنسية بشكل مباشر عن طريق مُحامٍ بطريقة بسيطة، وهناك مستثمرون يمنيون يأملون في الحصول على الجنسية ويسعون فيها، وإذا حصل اليمني على الجنسية فانه سيكون مفيدا جدا للمجتمع التركي حيث إنه يتأقلم بسرعة ويصبح مفيدا جدا للمجتمعات التي يحمل جنسياتها، وإذا استقر اليمني فإنه يكون فاعلا جدا في المجتمع ويكون إضافة نوعية.

* الجالية اليمنية تمتلك كوادر ورموزا بارزة من مختلف التيارات السياسية. كيف يمكنكم الاستفادة من هذا التنوع؟

– المواطنون اليمنيون مهما حدث بينهم من اختلاف في الأمور السياسية إلا أنهم يختلفون عن بقية البلدان العربية. فالعلاقة الاجتماعية تظل بين المختلفين علاقة وطيدة وعلاقة حب وتعاون ولا تفرقهم السياسة؛ فنحن اليمنيون شعوب موحدة ولكن سياساتنا متفرقة. ولذلك كل الأحزاب والاختلافات موجودة في تركيا ولكنهم جميعاً أسرة واحدة. كل الفعاليات الوطنية نحن ننظمها سويا ونعيد للجالية ذاكرتها اليمنية وذكريات اليمن وعادات اليمن، وننظم ورش عمل للتعرف على كيفية إعادة بناء اليمن، ولدينا هنا في إسطنبول قناتان فضائيتان من أهم القنوات التي تساهم في تشكيل الوعي للشعب في اليمن وهما قناة بلقيس وقناة يمن شباب.

* هل هذه القنوات لها لون سياسي معين؟

– أبدا متنوعة جدا بالذات قناة بلقيس.

* ما هي طبيعة العلاقات الرسمية بينكم وبين الحكومة التركية ممثلة في البلديات وخلافه؟

– هناك تعاون بيننا على حل بعض المشكل، ونتعاون مع البلديات في الإسراع بحلها وبالعكس، بلدية إسطنبول الكبرى تفخر بالجالية اليمنية وتقول للجاليات المصرية والسورية والفلسطينية نريدكم صوتا واحدا وأن تأتوا إلينا بصوت واحد، والجانب الرسمي التركي يضرب بنا المثل في وحدة كلمتنا في الجالية اليمنية أمام الجاليات الأخرى.

* هل اليمنيون الموجودون في إسطنبول لون سياسي واحد أم أكثر من طيف؟

– هم أكثر من لون ولا يوجد أي لون سياسي يطغى على اليمنيين هنا، ولكنهم في الجالية كلهم يمنيون فقط ورغم وجود الخلافات فإنها لا تؤثر عليهم بحال.

* ما هو دوركم كجالية يمنية في دعم قضية اليمن ودعم أهاليكم المنكوبين في الداخل في هذه الحرب الدائرة بالوكالة؟

– دورنا كبير ويتمثل في تخفيف المعاناة وإيصال صوت هؤلاء المنكوبين والمحاصرين داخل المدن اليمنية إلى العالم من خلال القنوات الموجودة في تركيا، كما أننا نمتلك مؤسسات إعلامية أيضا ووكالات أنباء في الداخل والخارج تنقل الصورة الحقيقية إلى العرب والأتراك حتى تُطلع العالم على مأساة شعب اليمن.

وهناك أيضا حملات إغاثة لليمنيين وهناك جسر تواصل بين اليمن وتركيا بفضل جهود الجالية اليمنية، كما أن هناك أيضا كثير من المنح العلاجية التي تقوم بها تركيا لليمنيين لا سيما مصابي الثورة، إلى جانب الكثير من المساعدات التي تقدمها وقدمتها تركيا لليمن. والجسر الجوي والبحري مستمر بشكل كبير بين اليمن وتركيا، وكله لصالح أبناء اليمن ويحمل المساعدات المختلفة للشعب اليمني.

* حدثني عن نفسك كيف توليت رئاسة الجالية وطبيعة تواجدك في تركيا؟

– طبيعة تواجدي في تركيا لغرض الاستثمار كرجل أعمال أمتلك سلسلة مطاعم وشركات جملة واستيراد وتصدير، وأعمل في تركيا منذ سنتين، وقبلها كنت أستثمر في المملكة العربية السعودية وقبلهما في الأصل كانت أعمالي في اليمن. وأنا هنا في تركيا وفي اليمن كانت لي علاقاتي بكثير من الشباب والرموز اليمنيين والمستثمرين، وكانت هناك انتخابات رسمية للهيئة الإدارية لليمنيين في تركيا ثم انتخابات الجالية وقررت الهيئة الإدارية أن أتولى رئاسة الجالية فاختاروني لهذه المهمة التي تستمر سنتين، كثاني رئيس للجالية حيث كان الرئيس الاول والمؤسس د. محمود إسماعيل.

أعمالي في تركيا عمرها سنتين. وفي اليمن كنت مدير الأكاديمية العربية للعلوم الديمقراطية لتدريب موظفي البنوك، وكنت أمتلك شركات صرافة وشركات توزيع جملة وهي شركات ياس للتجارة والاستيراد.

* ما هو دور المرأة اليمنية في الجالية؟ ولا سيما في المحافظة على سلامة اللغه العربية للنشىء؟

– أصبحت تركيا لا يُخشى على اللغة العربية بها بسبب التواجد الكثيف للعرب بها، حتى الكثير منهم لم يتعلموا اللغة التركية بسبب كثرة العرب الذين يستطيعون التعايش معهم بدون اللغة التركية، ولذلك لا خوف على اللغة العربية في تركيا؛ أضف إلى ما سبق أن التوجه التركي لتعليم اللغة العربية ساعد كثيرا في الحفاظ على اللغة إلى جانب وجود المدارس العربية المتناثرة في إسطنبول التي تخلق حالة من الاطمئنان على هذا الجانب.

كما أن دور المراة لا يقل عن دور الرجل في الجالية فهي تتابع الشؤون الاجتماعية في الجالية وأخرى تشرف على الجانب الصحي علاوة على الكثير من الفعاليات النسائية التي تشرف عليها وتنظمها المرأة اليمنية فيما يتعلق بالأسرة والثقافة والتوعية. والمرأة اليمنية

*كيف ترى طبيعة العلاقات اليمنية التركية وكيف يمكن توطيدها من وجهة نظركم؟

– العلاقات اليمنية التركية علاقات تاريخية ومختلطة بالدم، وكثير من الأتراك الذين هاجروا لليمن لم يعودوا إلى تركيا، وهم لم يموتوا كما يقولون في الأغاني التركية ولكنهم أعجبتهم اليمن فاستوطنوها ولم يعودوا إلى ديارهم، فلدينا في اليمن مدن كاملة تسمى المدن التركية ولدينا مناطق في صنعاء القديمة ومناطق في اليمن كاملة أصولهم تركية وكذلك في بعض القرى في البهويت وفي حجة وفي إب وذمار أصولهم تركية، ونحن نعرف الكثيرين من ذوي الأصول التركية وليس ببعيد ذلك حيث أن الدولة العثمانية كانت موجودة في بلاد العرب اكثر من 6 قرون فضلا عن المقولة المشهورة: “مظن يذهب إلى اليمن لا يعود”، لا يختطف ولا يقتل ولكنه يتعايش.

* كيف استقبلت الجالية اليمنية العيد المبارك وأسعدت أبنائها في تلك الأيام المباركة؟

– الشعب اليمني يستقبل العيد المبارك بعاداته وتقاليده، ولكن مأساة المفقودين كثيرة، والشعب اليمني يستقبل العيد بالشتات فالأسرة غير مجتمعة ومتفرقة في مناح شتى، والآلام مضاعفة، وذلك يعني استقبال العيد كالعيد الذي قبله، وبعضنا يعيش الأعياد بعيدا عن الإخوة والأهل والأسرة والوطن، ومتفرقون في كل البلدات، ويعانون جميعا الإجحاف والظلم، سواء في الداخل يعانون الظلم والقهر والاستبداد ولذلك الوضع مأساوي.

ترك برس