صحيفة لاراثون الإسبانية –
تتمثل القناة الجديدة في إسطنبول في قناة مائية اصطناعية ستسمح بتجنب المرور عبر مضيق البوسفور المزدحم. في المقابل، يمكن أن يتسبب هذا المشروع العملاق في تهجير الآلاف من الناس وتدمير الغابات، فضلا عن عدة عواقب أخرى.
في سنة 2011، أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قبل أسابيع من الانتخابات التي مكنته من التربع على سدة الحكم للمرة الثالثة، عما يصفه “بالمشروع الخيالي”. ويتمثل هذا المشروع في إنشاء قناة بحرية اصطناعية تهدف إلى تخفيف حركة مرور السفن عبر مضيق البسفور الذي يفصل بين الجزأين الأوروبي والآسيوي من إسطنبول. وبهذه الطريقة، ستساعد القناة على خفض نسبة الحوادث الخطيرة التي تقع في أكثر المضايق ازدحاما في العالم.
والجدير بالذكر أنه في سنة 2017، عبرت مضيق البوسفور قرابة 53 ألف سفينة، مقارنة بنحو 17 ألف سفينة مرت من قناة السويس و12 ألف سفينة عبرت قناة بنما. وفي هذا الصدد، أعلنت الحكومة التركية مؤخرا عن الطريق الذي ستعبره هذه القناة الجديدة في إسطنبول. ومن المتوقع أن تنطلق أعمال البناء خلال الأشهر القليلة المقبلة على أن تنتهي في سنة 2023.
وستكون بحيرة كوتشوك تشكمجة، المحاذية لبحر مرمرة، نقطة انطلاق هذه القناة الجديدة التي ستتجه شمالا نحو سد “سازليدير”. في الأثناء، سيتم فتح طريق برية تصل إلى البحر الأسود، بين مطار إسطنبول الجديد وبحيرة تركوس، الواقعة على بعد حوالي 35 كيلومتر غرب مصب مضيق البوسفور.
وفي حال طبقت الحكومة التركية الخطة التي أعدتها بحذافيرها، فسيعبر هذا المضيق الجديد إحدى أبرز المناطق التي تشكل اليوم ثروة طبيعية كبيرة في تركيا، حيث تضم غابات واسعة من أشجار الزان والبلوط والكستناء والزيزفون، بالإضافة إلى نقله لآلاف الأشخاص. كما تتضمن هذه المناطق بحيرات وخزانات مائية كبيرة، فضلا عن عدد كبير من المراعي والأراضي الصالحة للزراعة والمزارع الصغيرة وقرى الصيادين.
ويخشى العديد من المواطنين الأتراك أن يتسبب هذا المشروع الخيالي، الذي سيقسم الجزء الأوروبي من إسطنبول إلى قسمين ويحوله إلى جزيرة، في القضاء على النظام البيئي في المنطقة. كما يمكن أن تؤدي هذه الأعمال إلى تسرب المياه المالحة إلى الطبقات الصخرية المائية والمياه الجوفية، مما قد يؤدي إلى التأثير سلبا على البحيرة. فضلا عن التأثير في سد سازليدير، الذي يزود إسطنبول بحوالي 2.5 بالمئة من المياه، من شأن هذا المشروع أن يجعل المدينة تفقد نصف إمداداتها من المياه تقريبا.
ولمعالجة هذه المخاوف، تعمل بلدية إسطنبول بالتعاون مع السلطات المعنية على إجراء دراسات بيئية وجغرافية على المنطقة، للتأكد من الآثار الجانبية للمشروع قبل البدء بإنشائه.
مع ذلك، يتمثل أكثر الأمور التي تثير قلق الأتراك في التغير المحتمل للتركيبة الكيميائية للبحار التي ستلتقي ببعضها البعض. فمن المعلوم أن البحر الأسود هو أحد البحار التي تتميز بانخفاض الملوحة، وبنسبة أقل بكثير من حوض البحر الأبيض المتوسط، وذلك بسبب أنهار الدون ودنيبر والدانوب. نتيجة لذلك، وفي حال تم بناء هذه القناة الجديدة، فقد ينخفض مستوى مياه البحر الأسود بعشرة سنتيمترات أو أكثر، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة ملوحته والتأثير سلبا على بحر مرمرة.
ترك برس