ترك برس
تناول تقرير بموقع “الشروق أونلاين” الإخباري الجزائري، الإنتشار الواسع الذي استطاع تحقيقه مسلسل “قيامة أرطُغرل” التاريخي التركي على صعيد العالم في الفترة الأخيرة.
وأشار التقرير، الذي أعدّه الكاتب الإعلامي “السحمدي بركاتي”، إلى أن مسلسل “قيامة أرطُغرل”، مترع بقيم الفضيلة والوفاء وحب الدين والقبيلة والوطن والدفاع عنه مهما كلف ذلك من أمر.
وقال الكاتب إن ما يلفت النظر في هذا العمل الضخم هو قدرة الدراما التاريخية على إعادة تشكيل الأفكار وتصحيح المسارات وتقديم التاريخ في أبهى صوره دون الوقوع في مطبّات السرد التاريخي الفاتر والباهت الذي لا يثير في المتلقي الرغبة في السؤال وفضول متابعة أحداث الدراما.
وشدّد على أن ما وصل إليه المسلسل من نجاح باهر وانتشار واسع ومشاهدة فاقت كل التوقعات يعكس مدى شغف الناس بالدراما التاريخية المؤسسة على رؤية جديدة في تقديمها للمتلقي بعيدا عن النمطية والسطحية والسذاجة الفنية ولكليشيِهات المكررة التي أبعدت المشاهد عن متابعة الأعمال التاريخية.
ووفقًا للكاتب، أثبت مسلسل “قيامة ارطغرل” أن المشاريع الضخمة يجب أن تتأسس عن رؤية ورؤيا وغاية متوخاة، هذه الأعمال يجب أن تكون وراءها مؤسسات ضخمة تعرف هدفية إنفاقها الأموال الطائلة من أجل الحفر في ذاكرة تقادم عهدها والنفخ في أوصالها لبث الحياة فيها مجددا علاجا لأسقَام الحاضر ورأبًا للشروخِ التي طالت المجتمع وقيمه.
وأضاف: “نحن اليوم نعيش معركة وجود وصراع قيم وذاكرات، فالذي يحسن التمكين لذاكرته وتسويقها بتقنيات درامية عالية هو من يفرض ذاته الحالية، أضف إلى ذلك كله يشكل التصالح مع التاريخ والإحساس بالانتماء إليه دافعا قويا نحو إعادة صياغته دراميا بقوة والنضال في تقديمه، خصوصا لأجيال اليوم والغد..
هذه الفلسفة فهمها الغرب قديما وحديثا، إذ رصدوا ملايير ضخمة لإقناع الناس بتاريخهم ومدى إِسهامهم في سيرورة البشر والحضارات، بينما نحن مازلنا ننظر للتاريخ كأحداث ماضية نستحضرها للمتعة لا للفائدة، إذ نحن اليوم نعيش حاضرنا فما جدوى العيش في سياقات نختلف عنها جذريا بدعوى الحداثة والمعاصرة؟”.
في السياق، يرى الكاتب الصحفي المصري، عامر عبد المنعم، إن هناك تجاهل من قبل الفضائيات العربية لمسلسل “قيامة أرطُغرل” التركي لما فيه من رسائل ومضامين إسلامية وسياسية، تتعلق بتوجهه الإسلامي الصريح والصدام مع الصليبية العالمية بكل وضوح، ولكن رغم هذا فإن المسلسل حقق أعلى نسبة مشاهدة في العالم لعمل تلفزيوني.
ورأى المنعم، في تحليل نشرته شبكة الجزيرة القطرية قبل فترة، أن النجاح الذي حققه المسلسل في تركيا طبيعي، ولكن أن يحظى بالانتشار في الدول العربية والعالم رغم الحصار فهذا تأكيد على تأثيره الطاغي وأنه ليس فقط عمل فني وإنما جهد استثنائي متعدد الأبعاد.
وأضاف الكاتب: “فالجمهور العربي يتابع المسلسل أسبوعيا، مدبلجا وبالتّرجمة، وقد لاحظت أن بعض صفحات الفيسبوك تلجأ إلى البث المباشر للمسلسل، أثناء إذاعته بالتركية مع ترجمة فورية يقوم بها متطوعون، دون انتظار الترجمة الرسمية التي تتم بعدها بساعات قليلة”.
وأردف أنه “بسبب هذا التأثير الكبير في معركة الوعي أظن أن هذا المسلسل من الأسباب التي أشعلت غضب أوروبا على أردوغان؛ فتوظيفُ الفن لتوجيه المجتمع إلى ثوابته وهدم عقود من الإفساد باسم الفن يعيد تركيا إلى تاريخها ويذيب الأسوار والحواجز النفسية التي وضعها الغرب منذ سقوط الخلافة”.
وتدور أحداث مسلسل “قيامة أرطُغرل” بين ولايتي حلب وأنطاكية في القرن الثالث عشر، في زمن الصراعات والنزاعات بين الإمبراطوريات في المنطقة، في وقت تزامن مع وصول دفعات جديدة من قبائل الأوغوز التركية (التركمان) إلى المنطقة.
ويستعرض نزاع المغول والروم على المنطقة، حيث كان المسلمون يعانون الكثير من المشاكل في القرن الثالث عشر خاصة ضعف الخلافة العباسية، وكان العالم الإسلامي بانتظار قائد بطل، ليظهر أرطغرل متحدياً كل الظروف.
ويتناول المسلسل سيرة أرطغرل بن سليمان شاه، والد عثمان الأول مؤسس الدولة العثمانية، في سياق رحلة البحث عن قطعة أرض يستقر فيها مع قبيلته لإنهاء معاناتهم وتنقلاتهم، بعد مرحلة طويلة من الخطر وغياب الأمن والبحث وعدم الاستقرار.
وحاز المسلسل على إشادة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مقابلة تلفزيونية مؤخرا، قائلا إنه يحظى في الآونة الأخيرة باهتمام وإعجاب الجميع صغارًا وكبارًا، وأن أفراد أسرته أيضًا يتابعونه عن كثب، واصفا إياه بأنه بمثابة ردّ على أولئك الذين يستخفون بقدرات تركيا وشعبها.